# Tags
#مقالات

التفريق بين التسويق الشبكي والتسويق الهرمي: دليل قانوني واقتصادي شامل

التفريق بين التسويق الشبكي والتسويق الهرمي: دليل قانوني واقتصادي شامل

يسود في الأوساط العامة والإعلامية خلط كبير ومستمر بين مفهومي التسويق الشبكي، المعروف أيضاً بالتسويق متعدد المستويات (MLM)، والمخططات الهرمية الاحتيالية. ويتفاقم هذا اللبس بسبب لجوء المخططات الهرمية بشكل متعمد إلى استخدام مصطلحات التسويق الشبكي الشرعي كغطاء لأنشطتها، في ممارسة تهدف إلى إضفاء شرعية زائفة على عملياتها الاحتيالية. هذا الغموض الاستراتيجي هو جوهر الإشكالية التي يسعى هذا التقرير إلى حلها.

يؤكد هذا التقرير أن التمييز بين النموذجين ليس مجرد اختلاف في التسميات، بل هو خط فاصل قانوني واقتصادي حاسم بين نموذج عمل قد يكون مشروعاً، وعملية احتيالية غير مستدامة رياضياً ومصممة للانهيار الحتمي. الهدف هو تقديم إطار تحليلي واضح، قائم على الأدلة، لتمكين المستهلكين والمستثمرين والجهات التنظيمية من التمييز الدقيق بينهما.

التسويق الشبكي (التسويق متعدد المستويات – MLM): المفهوم وآلية العمل

يُعرَّف التسويق الشبكي بأنه استراتيجية أعمال تستخدمها بعض شركات البيع المباشر لتسويق منتجاتها وخدماتها. يعتمد هذا النموذج على شبكة من الموزعين المستقلين غير الموظفين الذين يحققون الدخل بطريقتين أساسيتين:

  1. بيع المنتجات أو الخدمات مباشرة للمستهلكين النهائيين.
  2. الحصول على عمولات من مبيعات الموزعين الآخرين الذين جندوهم ضمن شبكتهم الخاصة أو ما يعرف بـ “الداونلاين” (downline).

تبدأ الآلية التشغيلية عادةً بانضمام الفرد إلى الشركة، وغالباً ما يكون ذلك عبر شراء “مجموعة أدوات البدء” أو عينات من المنتجات، ليصبح بذلك ممثلاً مستقلاً وليس موظفاً رسمياً. يرتبط نجاحه بقدرته على بيع المنتجات وبناء وتدريب فريقه. يقوم هذا النموذج بنقل تكاليف التسويق والتوزيع من الشركة الأم إلى شبكة الموزعين، مما يقلل من نفقاتها التشغيلية.

لتقديم فهم أكثر دقة، يمكن تصنيف التسويق الشبكي إلى عدة أنواع:

  • أحادي المستوى (Single-Tier): يكسب الموزع عمولة فقط على مبيعاته المباشرة. غالباً ما يتم تشبيه هذا النوع بالتسويق بالعمولة (Affiliate Marketing). وتُعد شركة “Avon” مثالاً على هذا النموذج.
  • ثنائي المستوى (Two-Tier): يحصل الموزع على عمولة من مبيعاته المباشرة، بالإضافة إلى عمولة على المبيعات المباشرة التي يحققها أعضاء المستوى الأول الذين قام بتجنيدهم.
  • متعدد المستويات (Multi-Level): وهو الشكل الأكثر شيوعاً وإثارة للجدل، حيث تُكتسب العمولات عبر عدة مستويات من الشبكة التابعة. وتعتبر شركة “Amway” من الأمثلة الكلاسيكية عليه.

المخطط الهرمي: التعريف وآلية الانهيار

المخطط الهرمي هو نموذج احتيالي مالي يتخفى في صورة فرصة عمل. لا ينصب تركيزه الأساسي على بيع المنتجات، بل على توليد الإيرادات من خلال تجنيد أعضاء جدد يُطلب منهم دفع رسوم للانضمام.

يعمل النظام عن طريق تحويل الأموال التي يدفعها المجندون الجدد في قاعدة الهرم لدفع “أرباح” أولئك الموجودين في القمة. أما المنتجات، إن وجدت، فهي إما وهمية، أو ذات جودة رديئة، أو مبالغ في سعرها بشكل كبير لإخفاء حقيقة رسوم الدخول. هذا النموذج محكوم عليه بالانهيار رياضياً عندما يصبح غير قادر على تجنيد عدد كافٍ من الأعضاء الجدد لدفع مستحقات الأعضاء الحاليين.

تعود أصول هذا الاحتيال إلى “مخطط بونزي” الذي ابتكره تشارلز بونزي في عشرينيات القرن الماضي، والذي أرسى المبدأ الأساسي لدفع أموال “المستثمرين” الأوائل باستخدام أموال المستثمرين اللاحقين. وفي حين أن كل المخططات الهرمية هي شكل من أشكال مخطط بونزي، فإن النسخ الحديثة منها تضيف عنصر مطالبة المشاركين بتجنيد آخرين بأنفسهم.

تحليل معمق: مبدأ “الجوهر فوق الشكل”

إن الاستخدام الاستراتيجي للمصطلحات كأداة خادعة هو السمة الأبرز التي تميز هذا المجال. فمصطلحات مثل “التسويق الشبكي” و”التسويق متعدد المستويات” وحتى “البيع المباشر” يتم تبنيها بشكل نشط ومتعمد من قبل مشغلي المخططات الهرمية كدرع قانوني واجتماعي. هذه ليست مجرد حالة من الارتباك العرضي، بل هي تكتيك محسوب. تشير المصادر بوضوح إلى أن الشركات الهرمية تستخدم مصطلح “التسويق الشبكي” كـ “غطاء” أو “اسم لنشاطها التجاري” لإخفاء طبيعتها الحقيقية.

لهذا السبب، يجب على أي تحليل جاد أن يتبنى مبدأ “الجوهر فوق الشكل”، وهو مبدأ قانوني راسخ. فالاسم الذي تستخدمه الشركة لا قيمة له. يجب أن ينصب التركيز على الواقع الاقتصادي لعملياتها: من أين يأتي المال؟ هل هو من بيع منتجات ذات قيمة حقيقية لعملاء التجزئة، أم من رسوم تجنيد المشاركين الجدد؟ هذا المبدأ سيكون الأداة التحليلية الموجهة لبقية هذا التقرير.

جدول 1: الفروق الجوهرية بين التسويق الشبكي والمخططات الهرمية

السمةالتسويق الشبكي (MLM)المخطط الهرمي (Pyramid Scheme)
الهدف الأساسيبيع منتجات/خدمات للمستهلكين.تجنيد أعضاء جدد.
مصدر الإيراداتأرباح من مبيعات التجزئة.رسوم من المجندين الجدد.
المنتج/الخدمةحقيقي، ذو سعر عادل، وله طلب في السوق.مبالغ في سعره، منخفض القيمة، أو غير موجود؛ مجرد ذريعة.
هيكل العمولاتالعمولات مبنية على حجم مبيعات الشخص وفريقه.المكافآت والعمولات مقابل تجنيد الآخرين.
الاستدامةيمكن أن يكون مستداماً إذا كان قائماً على منتج قوي.غير مستدام رياضياً؛ مصمم للانهيار.
الاستثمار المبدئيعادة ما يكون منخفضاً، لشراء مجموعة أدوات أو عينات.غالباً ما يكون رسماً كبيراً وإلزامياً أو شراء منتجات إجباري.
سياسة المخزونالشركات الشرعية غالباً ما تتبنى سياسة إعادة شراء للمخزون غير المباع.لا توجد سياسة إعادة شراء؛ يقع المشاركون في فخ المنتجات عديمة القيمة.
الوضع القانونيقانوني في العديد من البلدان، ويخضع للتنظيم.غير قانوني ويعتبر احتيالاً في معظم البلدان.

المعايير الدولية للتمييز القانوني: نموذج لجنة التجارة الفيدرالية

تُعتبر المبادئ التوجيهية التي وضعتها لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC) بمثابة المعيار الدولي الفعلي للتمييز بين شركات التسويق متعدد المستويات (MLM) القانونية والمخططات الهرمية غير القانونية. وتتلخص هذه المبادئ الأساسية في الآتي:

  • التعويض المستند إلى المبيعات للمستخدمين النهائيين: يجب أن تكون العمولات مدفوعة بشكل أساسي بمبيعات التجزئة لأفراد خارج شبكة التوزيع.
  • تجنب “تحميل المخزون” (Inventory Loading): لا ينبغي مطالبة المشاركين بشراء كميات غير معقولة من المخزون لا يمكنهم بيعها.
  • سياسات إعادة الشراء: يجب على الشركة أن تعرض إعادة شراء المخزون غير المباع بسعر معقول (على سبيل المثال، 90% من التكلفة) إذا قرر الموزع ترك العمل.

الوضع القانوني في العالم العربي: خليط من الحظر والغموض

يكشف تحليل المشهد القانوني في الدول العربية عن غياب إطار تنظيمي موحد، مما يخلق بيئة متباينة.

  • المملكة العربية السعودية: تتبنى موقفاً صارماً يتمثل في الحظر الصريح. حذرت وزارة التجارة والاستثمار مراراً من هذا النشاط واعتبرته “مضللاً” وشكلاً من أشكال “الاحتيال التسويقي”، وتم تجريمه قانوناً. وتُعد المداهمات التي استهدفت اجتماعات شركة “كيونت” (QNET) دليلاً على تطبيق هذا الحظر بصرامة.
  • جمهورية مصر العربية: يُجرَّم هذا النشاط بموجب القوانين العامة. يتم التعامل معه كجريمة “نصب” وفقاً للمادة 336 من قانون العقوبات، وكجريمة “توظيف أموال” بشكل غير مشروع. لا يوجد قانون محدد للتسويق الشبكي، لذا يندرج ضمن قوانين مكافحة الاحتيال الأوسع.
  • المملكة الأردنية الهاشمية: يُحظر النشاط بمزيج من الإجراءات القانونية والفتاوى الشرعية. اتخذت وزارة الصناعة والتجارة إجراءات ضد شركات بتهمة “المتاجرة الوهمية”. وأصدرت دائرة الإفتاء العام فتاوى رسمية بتحريمه، مستندة إلى وجود “الغرر” و”المقامرة”، وهو ما يحمل وزناً كبيراً في السياق القانوني والاجتماعي.
  • المملكة المغربية: يُجرَّم هذا النشاط بموجب قانون حماية المستهلك (رقم 31.08) وقانون العقوبات كشكل من أشكال النصب والاحتيال. يحظر القانون تحديداً الممارسات التي تغري المستهلكين بتحقيق مكاسب بناءً على تجنيد الآخرين. وقد أدت الإجراءات القضائية إلى صدور أحكام بالسجن ضد المشغلين.
  • دولة الإمارات العربية المتحدة: يتم تنظيم النشاط من خلال قوانين حماية المستهلك والتسويق. ورغم عدم وجود حظر صريح على نموذج MLM نفسه، فإن الأنظمة الصارمة المفروضة على التسويق الهاتفي والممارسات التسويقية (مثل اشتراط الحصول على ترخيص، وتحديد أوقات معينة للاتصال، ومنع أساليب الضغط) توفر إطاراً للمساءلة القانونية.

جدول 2: الوضع القانوني للتسويق الهرمي/الشبكي في دول عربية رئيسية

الدولةالوضع القانونيالأساس القانوني / القوانين ذات الصلةالتطبيق والإجراءات الرئيسية
السعوديةمحظورقرارات وزارة التجارة؛ مصنف كنشاط مضلل واحتيالي.مداهمة الاجتماعات، تحذيرات عامة، اعتقالات.
مصرغير قانونيقانون العقوبات (مادة 336 – نصب)؛ قانون توظيف الأموال.الملاحقة القضائية بموجب القانون الجنائي العام.
المغربمحظورقانون حماية المستهلك (31.08)؛ قانون العقوبات (النصب).إدانات جنائية وأحكام بالسجن.
الأردنمحظورإجراءات وزارة الصناعة والتجارة؛ فتاوى رسمية من دائرة الإفتاء.تحقيقات مع الشركات، تحذيرات عامة.

التحليل الاقتصادي ونموذج الاستدامة

إن انهيار المخطط الهرمي ليس مجرد احتمال، بل هو حتمية رياضية. يعتمد النموذج على النمو الأسي في سوق محدود. يمكن توضيح ذلك بحساب بسيط: إذا طُلب من كل شخص تجنيد ستة آخرين، فإن المستوى الثالث عشر من الهرم سيتطلب عدداً من المشاركين يفوق سكان كوكب الأرض. وهذا يوضح بجلاء عدم الاستدامة المتأصلة في النموذج.

وتشير الإحصاءات بشكل متكرر إلى أن ما يزيد عن 90% إلى 99% من المشاركين في المخططات الهرمية يخسرون أموالهم. فالأموال التي تدفعها الأغلبية الساحقة في قاعدة الهرم يتم تحويلها إلى الأقلية الضئيلة في القمة، حيث يستحوذ المؤسسون على الحصة الأكبر قبل الانهيار الحتمي. هذه المخططات لا تخلق ثروة، بل هي شكل من أشكال تحويل الثروة الذي يدمر رأس المال في نهاية المطاف. إنها تحول الأموال من الاستثمارات المنتجة والاستهلاك إلى حلقة مغلقة واستخراجية لا يستفيد منها سوى المؤسسين، تاركة وراءها أثراً من الديون والخراب المالي.

استدامة التسويق الشبكي (MLM)

يمكن لنموذج التسويق الشبكي الشرعي أن يكون مستداماً، ولكن فقط في ظل شروط صارمة: وجود منتج عالي الجودة، بسعر تنافسي، وعليه طلب حقيقي من المستهلكين، بالإضافة إلى خطة تعويضات عادلة ومتوازنة، ودعم وتدريب قوي من الشركة.

ومع ذلك، حتى الشركات الشرعية تواجه تحديات كبيرة. فمعدلات التسرب العالية بين الموزعين شائعة. كما أن الحاجة المستمرة للتجنيد يمكن أن تؤدي إلى تشبع السوق داخل الدوائر الاجتماعية، مما يجعل من الصعب على المنضمين الجدد تحقيق النجاح.

وتكشف خطط العمولات المختلفة كيف يمكن للنموذج أن يحفز المبيعات الحقيقية أو يتحول إلى سلوك شبيه بالهرم:

  • الخطة الثنائية (Binary Plan): تتطلب موازنة “ساقين” أو خطين من الموزعين. يمكن أن تحفز هذه الخطة التجنيد على حساب المبيعات من أجل تحقيق متطلبات الموازنة.
  • خطة المصفوفة (Matrix Plan): تحد من عرض الخط الأمامي، مما يجبر على “فيضان” المجندين الجدد إلى المستويات الأدنى. قد تبدو جذابة ولكنها تحد من إمكانات الكسب الفردي.
  • خطة الانفصال التصاعدي (Stair-Step Breakaway Plan): تسمح للموزعين بـ “الانفصال” عن قائدهم الأعلى عند الوصول إلى رتبة معينة، مما يخلق مجموعة جديدة. تكافئ هذه الخطة أصحاب الأداء العالي ولكن قد يكون من الصعب تحقيقها.

الخط الفاصل في الحوافز الاقتصادية

إن هيكل خطة العمولات هو المؤشر الأقوى على الطبيعة الحقيقية للشركة. فالخطة التي تكافئ التجنيد بشكل كبير على حساب مبيعات التجزئة، أو التي تحتوي على متطلبات موازنة معقدة يستحيل تحقيقها دون تجنيد مستمر، هي في جوهرها مخطط هرمي، بغض النظر عن المنتج.

يكمن الفرق الجوهري بين الحصول على عمولة على “قيمة المنتج المباع” مقابل الحصول على مبلغ ثابت مقابل “الشخص الذي انضم”. وتشير المصادر إلى أن “هيكل العمولات المعقد” القائم على التجنيد هو سمة رئيسية للمخططات الهرمية. وتعتبر الخطة الثنائية، بتركيزها على موازنة “الساق اليمنى” و”الساق اليسرى”، عرضة بشكل خاص لإساءة الاستخدام، حيث يصبح الحافز هو ملء الخانات بدلاً من بيع المنتجات.

في النهاية، الحوافز الاقتصادية المتضمنة في خطة العمولات هي التي تملي السلوك. إذا كان المسار الأسهل والأكثر ربحية لكسب المال هو من خلال تجنيد الآخرين الذين يجب عليهم إجراء عملية شراء أولية كبيرة، فإن المنتج يصبح ثانوياً، ويعمل النظام كهرم. يجب على شركة التسويق الشبكي القانونية أن تضمن أن خطتها تكافئ في المقام الأول حركة المنتجات إلى المستهلكين النهائيين.

دراسة حالة – شركة كيونت (QNET)

الملف التعريفي للشركة: الرواية الرسمية

تطورت الشركة من “جولد كويست” (Gold Quest) و”كويست نت” (QuestNet) إلى “كيونت” (QNET). تقدم “كيونت” نفسها كشركة بيع مباشر شرعية تمتلك منصة للتجارة الإلكترونية، وتوفر منتجات عالية الجودة في مجالات الصحة والعناية الشخصية والسلع الفاخرة. وتؤكد الشركة صراحة أنها ليست مخططاً استثمارياً وأن الدخل يأتي فقط من عمولات بيع المنتجات.

لبناء صورة علامتها التجارية، تسلط “كيونت” الضوء على رعاياتها العالمية (مثل نادي مانشستر سيتي لكرة القدم)، والجوائز العديدة التي حصلت عليها، وأنشطتها الخيرية من خلال مؤسسة RYTHM. كما تدير الشركة مبادرة تدريبية باسم “QNETPRO” لتعزيز السلوك المهني والأخلاقي.

التحقيقات والادعاءات وشهادات الضحايا: الرواية المضادة

واجهت “كيونت” مشاكل قانونية واسعة النطاق، تشمل:

  • اتهامها بإدارة مخطط بونزي وهرمي في العديد من البلدان مثل الهند.
  • حظرها أو مواجهة إجراءات قانونية في سريلانكا ونيبال والفلبين والسودان.
  • التجريم الصريح لأنشطتها ومداهمة مسوقيها في السعودية.
  • اعتراف الشركة نفسها بإنهاء عقود مئات الممثلين بسبب سوء السلوك.

وتكشف شهادات الضحايا في الشرق الأوسط عن أنماط متكررة، منها:

  • أساليب تجنيد تعتمد على الضغط واستغلال الصداقات والثقة.
  • مطالبة بدفع مبالغ أولية كبيرة للانضمام (على سبيل المثال، 2,500 دولار).
  • التركيز على تجنيد شخصين (“يمين” و”يسار”) كنشاط أساسي.
  • رفض شرح نموذج العمل حتى يتم الدفع.
  • منتجات مبالغ في سعرها، أو غامضة (مثل قلادات الطاقة)، أو ثانوية لعملية التجنيد.

التحليل: تطبيق معايير التمييز على “كيونت”

عند تطبيق المعايير من الفصول السابقة، يظهر تناقض صارخ. فبينما تدعي الشركة أن تركيزها على المنتجات، تشير الشهادات والإجراءات القانونية إلى أن التركيز الفعلي هو على تجنيد أعضاء جدد يجب عليهم القيام بعملية شراء كبيرة. ويبدو أن هيكل العمولات، كما يصفه الأعضاء السابقون، يكافئ بناء الهيكل الثنائي أكثر من مبيعات التجزئة. هذا التناقض الحاد بين الصورة التسويقية المصقولة والأدلة الساحقة من السلطات والضحايا هو النقطة المحورية في التحليل.

تحليل معمق: المشغل في “المنطقة الرمادية”

تُعد “كيونت” مثالاً على مخطط هرمي متطور يستثمر بكثافة في خلق واجهة متقنة من الشرعية. فهي تستخدم لغة البيع المباشر، والرعايات رفيعة المستوى، وخط منتجات ملموس (وإن كان محل انتقاد) للعمل في المنطقة الرمادية من القانون، مما يجعل مقاضاتها أكثر صعوبة من المخططات البسيطة التي لا تقدم منتجات.

تثبت حالة “كيونت” أن مجرد وجود منتج لا يكفي لإثبات الشرعية. فالاختبار الحاسم هو “دور” هذا المنتج في النموذج الاقتصادي. هل هو سلعة ذات قيمة حقيقية يتم بيعها في سوق تنافسي، أم هو مجرد “رسم دخول مقنع”؟ تُظهر هذه الحالة أنه يجب على المستهلكين والمنظمين النظر إلى ما هو أبعد من الادعاءات السطحية وتحليل الحوافز المالية والتركيز التشغيلي الأساسي للشركة.

دليل المستهلك – الحماية واتخاذ القرار

العلامات التحذيرية: كيفية اكتشاف مخطط هرمي متخفٍ

فيما يلي قائمة عملية بالعلامات التحذيرية المستخلصة من مصادر متعددة:

  • التركيز على التجنيد: يركز العرض التقديمي على مكافآت تجنيد الآخرين أكثر من التركيز على المنتج نفسه.
  • وعود بالثراء السريع والسهل: ادعاءات مبالغ فيها حول نمط الحياة والدخل (“كن مليونيراً في عام”) بأقل جهد.
  • أساليب الضغط العالي: الضغط للتسجيل والدفع فوراً (“هذه فرصة محدودة”).
  • منتجات غامضة أو مبالغ في سعرها: يصعب تقييم المنتج، أو لا يوجد له مثيل في السوق العادي، أو يبدو باهظ الثمن بشكل مفرط. غالباً ما يتضمن سلعاً غريبة مثل منتجات “الطاقة” أو الدورات الرقمية.
  • استثمار أو رسوم أولية كبيرة: يُطلب مبلغ كبير للانضمام، وغالباً ما يكون مقنعاً في شكل شراء إلزامي للمخزون أو “مجموعة أدوات البدء”.
  • خطة عمولات معقدة ومربكة: يصعب فهم الخطة ويبدو أنها تكافئ بناء الهيكل أكثر من بيع المنتجات.
  • غياب التركيز على البيع بالتجزئة: لا يوجد تركيز يذكر على البيع لأشخاص خارج الشبكة. “العملاء” الأساسيون هم الموزعون الآخرون.

قائمة التحقق لتقييم شركة تسويق شبكي محتملة

قبل الانضمام إلى أي شركة، من الضروري طرح الأسئلة التالية:

  • عن الشركة: ما هو عمرها في السوق؟ ما هي سمعتها؟ هل هي عضو في جمعية البيع المباشر؟
  • عن المنتج: هل هذا منتج كنت ستشتريه بهذا السعر حتى بدون فرصة العمل؟ هل يوجد سوق حقيقي له؟
  • عن التكاليف: ما هي جميع التكاليف الأولية والمستمرة (رسوم الانضمام، التدريب، شراء المنتجات)؟
  • عن خطة العمولات: اطلبها كتابياً. هل هي مبنية على مبيعات التجزئة أم على التجنيد؟
  • عن سياسة الاسترداد: هل يمكنك إرجاع المخزون غير المباع؟ ما هي الشروط؟.
  • نصائح عملية: تحدث إلى موزعين حاليين وسابقين، استشر محامياً أو محاسباً، واحرص على توثيق كل شيء كتابياً.

ماذا تفعل إذا وقعت ضحية؟

تشمل خطوات الإنصاف العملية ما يلي:

  • قنوات الإبلاغ: تواصل مع السلطات المختصة في بلدك (على سبيل المثال، وزارة التجارة في السعودية عبر الرقم 1900، أو النيابة العامة في مصر والمغرب).
  • صعوبة الإنصاف: يجب الإقرار بأن استرداد الأموال أمر صعب، حيث يتردد العديد من الضحايا في الإبلاغ بسبب الخجل أو بسبب مشاركتهم (غير المقصودة) في تجنيد آخرين.

نحو وعي استثماري 

يلخص هذا التقرير أن الفرق الحاسم بين التسويق الشبكي والمخطط الهرمي يكمن في الجوهر الاقتصادي. فالتسويق الشبكي، عندما يكون شرعياً، هو قناة لتوزيع المنتجات. أما المخطط الهرمي فهو عملية احتيال لتحويل الثروة تعتمد على التجنيد.

إن خط الدفاع الأكثر فعالية ضد هذه المخططات ليس التنظيم فحسب، بل الوعي العام والتفكير النقدي. يجب على الأفراد أن يكونوا متشككين في أي فرصة تعد بمكافآت استثنائية مقابل جهد ضئيل.

الرسالة النهائية هي التمكين من خلال المعرفة. من خلال فهم الآليات الأساسية، والأوضاع القانونية، والعلامات التحذيرية المفصلة في هذا التقرير، يصبح الفرد مجهزاً لحماية أمواله واتخاذ قرارات مستنيرة.

Leave a comment